وغابت القفة الكبيرة .. والمائدة السودانية بين الأمس واليوم

القفة دليل عافية .. ورمز خير كانت بأحجام مختلفة ومتنوعة
الأكبر هي القفة المخصصة للحصاد ويعرفونها أهلي فـــــي
الجزيرة الخضراء .. والقضارف المعطاءة ويا حليل القفة فقد
أصبحت من التراث .. وصارت ديكور .. ويحملها (الحناكيــــش)
كشنطة يد فاخرة .. وكانت فيما مضي محملة بكل الطيبـــات
اللحوم .. أشكال والوان الضأن والعجالي الكبدة والكلاوي
ويتم وضع الكمونية في كيس ورقي قبل أن تزحــــــف علينا
أكياس البلاستيك ومع أكياس البلاستيك ظهر عصر الرشاقة
والريجييم وتعطيش الجيم .. عكس القفة رمز الخير والرخــاء
والأجسام الفارهة والصحة والعافية من رموز زنك اللحمة
بأم درمان العكام ولاعب الهلال السابق متوكل أحمد البشير
من جيل صديق منزول وديم الكبير .. قبل أن أغـــــادر زنك
اللحمـة متجها إلي زنك الخضار لا بد أن أشير إلـــى صنفين
الصنف الأول "أم فتفت" والثاني "كبدة الأبل" ولهــــذين
الصنفين رواد معروفين .. أهل الكيف والمزاج .. وتستخــدم
((كفكاكة , تفك شنو ما عارف !!)) وأنا حقيقة ليس مــــن
أصحاب الكيف والمزاج ولكن بموت في أم فتفت وكبـــــــدة
الأبل بالدكوة والبصل الأبيض والفلفل والشطة خضراء وحمراء
وزيادة التوم أو الثوم في كبدة الأبل وحالة صعبة عــــرق
شديد .. وحاجات تانية لا تقال .. وفوق كل هـذا استغفر الله
ولا أدري هل استغفر الله من (الجرسة) أم علي ما فعلـوه
في ليلة الأمس .. أم فتفت وكبدة الأبــــــل فكاكة للناس
المروقة ومرتاحة .. الزي حالتي فنجان قهوة بزنجبيــل أو
جنزبيل زيادة !! .. وكتر خير نميري القفل البارات وحـــــول
حي الشهداء وطرف حي عبدالله خليل الي بيوت أحـــرار
وما ننسي بانت غرب وسبعة بيوت .. واللافتة واليافطـــة
العجيبة منزل أحرار .. لكي لا تخطئ وتطرق الباب ويحدث
ما لا يحمد عقباه .. نمشي لزنكي الخضار وثنائي حقيبـــة
الفن ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة والمذيعة فـي
إذاعة هنا أم درمان تقول توفيت والدة ميرغني المامــون
وأحمد حسن جمعة وحبوبتي الله يرحمها تردد باستغراب
" أجي" يا أم ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعــــة !!

قطعنا الشارع الترابي .. الي زنك الخضار .. وأساسيات
وكماليات .. أول حاجة تشتري البصل .. و"الحلة بصـــل "
ويا أيمن ما تكمل الجملة عارفك ملقوف !! .. والطماطــم
المكسرة " المفجقة" والخضار .. ولك أن تختار مـــا بين
البامية .. طبيخ ولا مفروكة وتختلف في الحجم والشكل
والخضرة وهي ايضا طبيخ ومفروكة .. والبطاطـــــــس
وخضار البانبي "وسخ كرعي" هكذا كنا نقــــــــول ولا
أدري لماذا .. والقرع " أكل النبي " والباذنجان الأسود
"البراطيش" معليش حتسمعوا مني اسماء والقــــاب
عجيبة ولو عملت تخريمة رجوعني أنا تربية حبوبــــــات
ما حبوبة واحدة نشأت في بيت كبير فيه سبعة حبوبات
وشبعت بقشيش من حبوبتي ست البنات فقــــد كنت
الياور والمرافق لها في صرف المعاش وحبوبتي مـــا
هينة بتصرف معاش من حكومة السودان ومن حكومة
مصر .. ورحم الله الحبوبات .. نرجع لسوق الخضــــار
واختيار الخضار يتوقف علي اختيار ناس البيت لخضـار
معين أو المتوفر في السوق أو الأكثر نضــارة وشكل
ونجي للصلطة الطماطم الكبيرة الحمراء .. العجـــــور
وفارقنا في جدة العجور والبديل الخيار .. والبصـــــــل
الأخضر .. الدكــوة .. الجرجير .. الجزر .. وكنت أحــــب
البنجر بشكل عجيب .. وما ننسى الليمون .. وبعــــــد
الجولة والتعب في الشراء والاختيار .. يجتمـــع ناس
البيت حول القفة .. وهاك يا فرز وجايب الباميـــــــة
مفروكة وما جبت معاك طايوق الدوكة دي بمسحوها
بطايوقك .. أرجع جيب طايوق وتعال .. ويبدأ الزعـــــل
والله أنا تاني ما بمشي السوق .. وتعبان والله وليه
ما يمشي فلان وعلان .. وتحانيس وحق المواصلات
وحق مشروبي المفضل بزيانوس .. وكانت لنا أيام

الحبوبة موجودة .. والأم موجودة والخالات والعمات
ونسة وشمارات وحكاوي .. والكوانين .. الطبيــــــخ
بالفحم .. ليه نطبخ بالبوتجاز .. وريحة الغاز تطلع في
الاكل .. وأكل مصلح .. مش زي حال الموظفـــــــات
زي العزابة الحلة القطر قام .. أو استخدام حلـــــــة
الضغط وربع ساعة ما تفرز الخضار من اللحمة مـن
البصل .. دا لو اتكرمت وطبخت .. لـو ما طبخت ليك
اكل الحناكيش الوجبات السريعة التــــي " تلبك "
البطن .. بيتزا ومعجنات .. وبيرغر .. وبقية المصائب
يا حليل الصينية المدنكلة .. الكسرة بالأطــــــراف
مرصوصة ومن فوقها الخبز الحار من الطابونــــــة
قبل أن تتحول الي المخبز الآلي .. وطبيخ كــــــدا
وطبيح كدا .. ولحمة محمرة .. والله لحمة محمــرة
الوالد عليه الرحمة جزار .. وصحن الصلطة ورز يوم
بسكر ويوم بكاستر .. أو مكرونة يوم بجبنة ويوم
بقيمة .. وفوق كل هذا فاكهة المساكين المــــوز
وثلاجة الموز قريبة من البيت وفيها " هـــــوادة "
بحكم الجوار .. هذا هو حال المائدة فــــي الأيام
العادية ماذا عن الحالات الاستثنائية بدون بدعة؟

المناسبات .. في كل بيت حلة وحلتين ضلع وطبعا
حلة الضلع حكاية حاجة كدا كبير خالص !! والضلع
محتاج لتخصص وفي نســــوان حريفات تخصص
ضلع .. ومن سليقة الضلع تكون أم رقيقة بت عــم
ملاح الويكة .. في الصينية الكبيرة أكثر من عشرة
أطباق مختلفة والأجمل صحن الكباب العجيب يتكون
من لحمة وكبدة وكلاوي وقطعة من "ضنب" الخروف
وجوده في صينة المناسبات ضروري جدا اضافة
الي الكمونية التي يفضل البعض وضعها فـــوق
صحن ام رقيقة .. هنا يحدث الاعتراض مــــــــــن
الحناكيش .. الحناكيش من زمان موجودين بس
الحنكشة خشم بيوت !! أنا ما باكل الكمونيــــــة
والجقاجق .. طيب بسيطة يا ابن العم وصحــــن
فاضي وأم رقيقة لمستر حنكشة عشان ما يخــــرب
مزاج الجماعة .. في الضلع وبحكم أنو ود جـزار
أطعم اللحم ما جاوز العظم .. أوصيكم بالرقبـــة
ومن بعد ذلك "الزند " كتف ويد الخروف وما جاور
اللوح وما أطيب قرقشة اللوح .. اضافة الــــــى
الدوش .. الضلوع .. والكستيلة .. وبيت الكلاوي
وتجنب الارجل الخلفية الا أن تكون لحمــــــــــة
مفرومة .. أو شرموط .. ومن الشرموط تكــون
الكفتة .. والتقلية .. ويا حليل تقلية الحاجة !!

دي صينية زمان في المناسبات والافراح وقفة
صاح .. وصينية صاح .. وجاء يوسف عبدالفتـــاح
ليهتم بصواني المرور ويهمل الصواني الصـاح
وجاء من بعده كزام وابن الشمالية وعظومــــة
لتنتهي الصواني ونتحول الي عصر الشرائـح
التي لا تسمن ولا تغني من جوع ما يسمــى
بالكوكتيل .. صحن الجوع .. والمقارنة مفقودة

الجزء الأول من القفة الكبيرة والمائدة
السودانية بين الأمس واليوم
البقية صباح غد الخميس
إن شاء الله ..

نور العين .. تحية واحتراما .. ويا هلا ويا مرحبا .. وصباح الخير .. وسعيد بالمرور والوقوف والمشاركة .. وفي انتظار العودة والتعليق الشامل .. لك كل الود والتقدير ..

الحبوبات بقو حناكيش الزمن ده

ناهيك عن البقية